منتديات كاش .... A$H€

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

معاً يدا بيد نحو حياة أفضل ......... حقق حلمك الآن

قراءة نقدية لرواية حقول الخاتون للروائي حمزة الحسن/ بقلم خليل ابراهيم عودة Banner8


    قراءة نقدية لرواية حقول الخاتون للروائي حمزة الحسن/ بقلم خليل ابراهيم عودة

    تصويت

    تقييم للقراءة النقدية

    avatar
    خليل ابراهيم عودة
    عضو جديد
    عضو جديد


    عدد المساهمات : 3
    نقاط : 15
    تاريخ التسجيل : 05/08/2011

    قراءة نقدية لرواية حقول الخاتون للروائي حمزة الحسن/ بقلم خليل ابراهيم عودة Empty قراءة نقدية لرواية حقول الخاتون للروائي حمزة الحسن/ بقلم خليل ابراهيم عودة

    مُساهمة  خليل ابراهيم عودة الأربعاء أغسطس 17, 2011 7:00 am

    حقول الخاتون للروائي حمزة الحسن

    قراءة خليل إبراهيم عوده
    تقتضي الأمانة النقدية الإشارة إلى أن النص فيه من الثراء والغنى والدهشة ما يمكنه الوصول إلى مستوى مصاف الروايات العالمية التي تصل إلى جوائز عالمية كنوبل وغيرها .
    لأول مرة يكتب الكاولي " الغجري " التاريخ بعد أن كتبه المؤرخ والجنرال والخائن والمرتزق والمحتل والسائح والرحال والجلاد ....الخ " ، آن للضحية أن تحكي الوجه الآخر من الحكاية .
    هذا النص الذي يستدعي مساحات شاسعة من الزمان والمكان والشخوص لم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى نصوص تتقاطع معه في بنيانه وأفكاره فكان هذا الثراء العجيب في زمان مديد تستدعي تاريخ الوجع العراقي عبر آلاف السنين ولم تتوقف جرأة الكاتب عند هذا الحد من الزمان بل تجاوزه إلى آلاف الكيلو مترات من الأرض العراقية حيث يمسح أرض العراق ميلاً بعد ميل وكأن الأرض تنشق عن حزنها وأوجاعها لتلقيه في وجه " سيد الواقع المتخيل " ، بكاء مديد سيمفونية موت ؛ مع لحظة وداع الشاحنة " المكان المتحرك " لشوارع البصرة مبحرة في المكان الثابت للنص " العراق من جنوبه إلى شماله " في جدلية ما بين المكانين ؛ الثابت والمتحرك .
    انه الوطن المستباح عبر آلاف السنين مكاناً من أقصاه إلى أقصاه . عراق اللحظة واللحظات القادمة بما تحمله من خوف وترقب وقتل وسفك دماء حيث الوطن " حلبة صراع " لكل قوى الغزو والشر ؛ شرقية كانت أو غربية .
    هنا نفطن ملياً للعبة الكاتب في حمل أبطال روايته عبر شاحنة حيث لا يمكن أن تنقل مواجع هذه الأرض الممتدة من البصرة جنوباً إلى ديانا شمالًا إلا من خلال هذا المكان المتحرك العابر للمكان الثابت " العراق " وبعبقرية الطبيب العارف يبدأ في تحسس أوجاع هذا الجسد لتبدأ رؤوس وأجساد الثكالى والقتلى والأرامل والأيتام بالخروج ليرووا حكاياتهم ، وكأن مظالم الأرض بأناسها انشقت عنها وراحت في بكاء مفجع طوله أرض العراق مكانا وعبر آلاف السنين زمانا .
    يشكون ولكن أي شكوى هذه التي لا أفق لها لان مجرد الشكوى سيعرضك لغضب " سيد الواقع المتخيل وأزلامه " .
    سترد هذه العبارة في النص مراراً " سيد الواقع المتخيل " وتدهش لهذا النحت العجيب للعبارة هذا السيد المتربع على واقع متخيل لا يختلف كثيرا عن تماثيله وصوره الجارحة للمكان والزمان ولمن يشاهده من بني الإنسان ، فهي قائمة بمفردها كمعلقة هجاء ل " سيد الواقع المتخيل " الذي استباح بصوره وتماثيله كل شيء ولأنه كذلك فانه لا يرى إلا ما يريد أن يراه ولأنه الوصي والسيد والنبي فانه يأبى على الآخرين أن يروا مالا يرى وهذه مقالة فرعون كما قال الله تعالى حكاية عنه " إني أريكم ما أرى " .
    ولأنه اله صنمي مفرغ يلزمه شعبا من المطبلين لكن ( زهران ) الراوي آثر أن يكون طبالا لدى مجموعة غير معترف بها تمارس الغناء والطبل والترفيه .
    ( كاولي ) بالنسب هذا هو زهران الذي يعرف نفسه بأنه كاولي زمن الحداثة والطريق الجديد زهران اليتيم ثلاثيني هارب بتهمة شيوعي " صرت ضارب طبل زنجاري بالتناوب كعلامة على نجاح الاشتراكية " .
    ولكن ما علاقة " سيد الواقع المتخيل "... والموت والحرب والخوف ب " حقول الخاتون " ومن تكون هذه الخاتون ! ... ؟
    من تكون هذه السيدة المطاعة ؟ . . وما حقولها ! ؟
    إنها ( مس بيل ) تقول في رسالة لأبيها " أمضيت نهارا جيداً في المكتب وأنا أضع حدود الصحراء الغربية من العراق " كما لو أن الخاتون ترسم خطوط حقول الأسرة " ص64
    كثيرون من تقدم جيوش الغزو ووضعوا حدوداً لأرض العرب : لورنس ، موسيل ، مس بيل ، اتفاقيات سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى .
    ما يهمنا هنا مس بيل وحقولها التي جاءت في العنوان على صيغة الجمع مضافة إلى الخاتون " مس بيل " .
    والخاتون كلمة عربية محرفة عن الكلمة المغولية" قادرين" تلقب بها الزوجة أو الأم أو الأخت ذات الميزات الخاصة في النفوذ والحكم .
    إذا نحن إزاء سيدة تقيم لنا حدوداً على أرضنا كما تشير في رسالتها لأبيها وهنا تظهر خطورة وفداحة ما تقيمه السيدة على أرضنا ، رغم ما تشير إليه مفردة (حقول) من خير ونماء وخضرة لكن كل هذا يتبدد عندما تضاف إلى" الخاتون" التي تقدمت جيوش الغزو الانجليزي في عشرينيات القرن الماضي ، فهي لم تأت حباً بنا وبالأرض العربية ومن نافلة القول أنها لم تأت لزراعة هذه الأرض بأنواع من الخير والخضرة كما تشير دلالة الكلمة ومألوفها (حقول )
    هنا ندرك أن من تقدمت جيوش الاحتلال جاءت لتقيم حقول ألغام على أرضنا لا ينفك الوطن يذوق ويلاته في هذا التمزق للجسد العربي الذي لا يمكن أن يقيم مشروعه على أرضه في ظل (حقول الخاتون) والتي قامت على تفخيخه وتلغيمه ، وهي قراءة لا يمكن أن تكون قد تعسفت الدلالة لأن (حقول الخاتون) لا يمكن أن تثمر إلا ما توصلنا إليه ، وهذا ما يؤكده الواقع وتشير إليه الأحداث (الكويت والعراق ، اليمن ، السودان ، وقبل ذلك احتلال فلسطين . )
    هذه الحقول أريد لها أن تقوم على خيانة أهلها بإعادة تفجير واقعهم مرة وأخرى حسب مقتضيات ورغبات مس بيل ومن وراءها ؛ مدركة أن هذا الجهد لا يمكن لجيوش أن تقوم به أو تحققه ، حيث يمثل حالة قتل دائم للزمان والمكان والإنسان من تقطيع ما اتصل أو ما يمكن أن يتصل وكأنها وضعت الأسس التي لا تنفك عراها فيما استشرف من المستقبل .
    لنجد من يقاتل من أجل " حقول الخاتون " على كل أرض الوطن العربي .
    وهذا ما تؤكده ثورات الشعوب حاليا وردود الفعل الرسمية المستميتة في حماية حقول الخاتون وسايكس بيكو .
    كان الأمر مقترحا على الورق ، أما من قام على تثبيته ونهض على حراسته على أرض الواقع فهم أمثال " سيد الواقع المتخيل " .
    الزمان والمكان : يتجرأ الكاتب ويجعل من طول العراق وعرضه ( إن لم يكن طول الوطن العربي وعرضه) حيث أن ما حدث للعراق من : ترسيم حدود – تقسيمات طائفية – نزاعات حدودية – أقليات – سيد الواقع المتخيل وأزلامه – حروب جانبية – استشراء الفساد – تطاول رجال ما يسمى بالأمن والمخابرات على كل الحرمات ، كل هذا يؤكد أن النص يمثل حالة أي حقل من حقول الأرض العربية إذا ما استثنينا الخصوصية والتفاصيل لكل قطر .
    هذه الجرأة من المساحة في المكان تقابلها جرأة أخرى من امتداد زماني يقدر بآلاف السنين ولكي يحتال الكاتب على هذا الكم من الزمان اختار إعادة كتابة تاريخ العراق باختيار الأحداث الملائمة للنص ، وقد اعتمد في هذا على التوثيق حينا والنقل الشفوي ممن عاصر تلك الحقب وأخرى مما يوازي التاريخ شفيعا من الأدب والنصوص واللوحات الفنية .
    أما من ناحية المكان فقد اختار كما قلنا شاحنة تعبر المكان ، مكان ثابت يعبره مكان متحرك : وهي لعبة لا شك في أنها حققت هدفها تماما .
    . [ قل لهم كاولية ... كاولية ]الأبطال :
    " يرفع كوران السائق يده من خلف النافذة لجنود السيطرة المختبئين من هجير الظهيرة صارخا بما يشبه البكاء والشتيمة والعويل والعواء من أعماق مقصية .. كاولية .. كاولية " ص12
    إذن البكاء والشتيمة والعويل والعواء ... أي وصف هذا في نفس واحدة جريحة ناقمة خائفة متمردة هؤلاء هم أبطال النص( معدان ) غجر مشردون على حافة المدن والحياة دائما شعارهم " دق ورقص وقرص ...، والمكتوب على شاحنتهم مشفوعاً برسومات تحمل المعنى والدلالة ، هاربون من المجهول إلى المجهول وهم في تربصهم لا أمل لهم بالأمان فالمنعطفات المكانية والزمانية دائما بانتظارهم وهم بانتظار الضربة القادمة .
    اعتادوا ان يكونوا بلا هوية (كاولية ) اسم جنس للجميع ولا معنى للفرد او الأسم او الكرامة أو الإنسانية ، اعتادوا أن يعيشوا بدون ( هذه الأشياء ) وهم لا يطالبون أحداً بها فهم يعيشون على أطراف الحياة والمدن فقط للنجاة .
    هم غائبون دائما ويحضرون كقردة لمؤانسة الآخر الذي لا يعترف بهم ويمكن مكافأتهم على هذا الأنس بالقتل دون أية مساءلة .
    ولأنهم كذلك فهم يعبرون مراكز السيطرة ( نقاط التفتيش) بهذا الشعار كاولية ( دق ... ورقص و ... ) مما يستدعي رجال السيطرة السخرية وضرب الإصبع والكف ثم فتح الطريق لهم .
    لكن زهران " راوي النص " وحسين مردان أو كوران ( الأسماء هنا لا معنى لها ولا أهمية لها ) هم من خارج هذه الجماعة ، غير إنهما انتسبا إليها كرد فعل لعدم اعتراف الآخر بهما وبمخاوفهما فكانا أن خلعا عباءة هذا النظام السياسي والاجتماعي وتحولا إلى( كاولية بالنسب).
    ولكليهما المبرر الموضوعي والفني فزهران مثلا يخوض حربا مع القوات العراقية ( الحرب الكردية العراقية ) لخمسة أعوام من الجحيم وعندما يعود من الحرب لا يجد من يسأل عنه إلا رجال الأمن والمخابرات ، فيفر إلى هذه الجماعة أما كوران فهو كردي كان في الطرف الآخر في الحرب العراقية الكردية حيث اتهمه الحزب الكردستاني بالخيانة واتهمه النظام بالانتماء للحزب الكردستاني فلم يجد مفراً من تحويل شاحنته إلى ملاذ له ولهذه العائلة ويتحول إلى منقذ فذ باستعمال مهاراته المتعددة من تزوير وثائق ... ، يتكلم كل اللغات المحلية ( الكردية والعربية والتركمانية ) ويتقمص كل الديانات .
    أما بقية الشخوص فهم من أب واحد هو حوم أو مطرود ( في ظرف أخر ) أو بلزاك كما اسماه زهران الراوي وبلزاك هذا هو مؤرخ العائلة والراوي الرديف للحكاية مع زهران الصحفي وهو والد كل من :
    مزاهر : زوج نوال جياد ووالد كل من الطفلين رغدان 9سنوات ، وصقر 7سنوات وهو ضارب طبل .
    فالح والد فرح أو بياتريس عازف الربابة أو زرياب وزوج مديحة صالح
    وهناك ثلاث راقصات ومغنيات هن كل من : مديحة صالح ونوال جياد واصغرهن بياتريس أو فرح ونفرد لها تعريفاَ للأهمية :
    فرح أو بياتريس شابة يافعة ممشوقة القوام وهي أصغر المغنيات والراقصات يعلمها زهران القراءة والكتابة ويوقظها على زهورها فتستفيق على حب جميل كأنه الحلم تحب فاكهة الفراولة ويتم اللعب على دلالة نضج الفراولة والعلاقة مابينهما لتنتهي هذه العلاقة بالبوار والعقم والموت .
    الشاحنة مرسيدس وهي الوحيدة التي تحمل هوية ..! ، ولكن ماذا لو أن أحدا لا يعرف أن الكاولي لا يحمل أوراقا رسمية أو هوية ماذا سيحدث ؟ !
    مثل هذه المعضلة لا حل لها كما لا حل لحقول الخاتون إلا بإعادة تفكيكها لأن ما يمكن تبنيه من حلول هو مهرب إلى خوف اخر والى مشكلة أخرى .
    يسأل الضابط وهو برتبة ملازم بلزاك عن الهوية فيرد عليه :
    - كاولي
    يصرخ الضابط بانزعاج : كاولي يعني شنو ؟
    فيرد بلزاك ببرود عريق ، حيث رضع هذا النوع من الاسئلة " يعني دق .. ورقص ..
    يزعق الضابط : والشاحنة ؟
    يرد بلزاك : الشاحنة عراقية
    يكرر الضابط صراخه : وانتم ؟
    يرد بلزاك : كاولية
    - ماذا تفعلون هنا ؟
    -السفر إلى ديانا ؟
    -هويات وثائق يعني أوراق .
    أجاب بلزاك : لا يوجد أحد فينا من يحمل هوية لان الكاولي لا يحمل وثائق رسمية ، عدا الشاحنة وعندي وثيقة قديمة لحصان عراقي .
    -الحصان عراقي وأنت ؟
    -من أنا ؟ كاولي طبعا !
    هذا المشهد الفذ يتقاطع مع رواية " الجنرال " (الان سيلتو ) عندما تقع فرقة موسيقية في الأسر في جبهة حرب للترفيه عن الجنود حيث يدور الحوار العبثي بين الجنرال الآسر وبين قائد الاوركسترا الأسير وكيف أن كل واحد منهما كان ينظر إلى الآخر كما لو أنه أعجوبة.
    الجنرال : ما جدوى الموسيقى !!
    يرد عليه قائد الأوركسترا : وما جدوى الحرب ؟
    ويستمر الحوار على هذا النحو في الوقت الذي تصل فيه الجنرال أوامر بإعدام الفرقة الموسيقية لعدم وجود سجن لهؤلاء المجانين ولكن الجنرال لم ينفذ أوامر الإعدام بل يقرر رفض الحرب .
    مثل هذا الرفض للآخر يؤكد على إفلاس الحضارة البشرية وان الخراب قد طال كل ما يمكن أن يكون حيويا ومبشرا وباعثا .
    عندما يستبد الظلم حتى يطال الماء والهواء والأرض هنا علينا أن نكون أمناء على إنسانيتنا بنفس القدر الذي نناضل من اجل وجودنا . فهذا الوجود الخفي وراء الكاولية لا يمكن أن يبعث فينا الوجود في ظل " سيد الواقع المتخيل " لا يمكن أن تنضج الفراولة " تحتاج الفراولة إلى فترة نضج بعد قطفها " ولا يمكن أن تحرث الأرض وتنتج ، وكذلك لن تنجب النساء إلا المشوهين .
    في ظل سيد الواقع المتخيل ، لا يكون إلا الموت لأنه الوصي على قطعة الجاتو المسمومة لحقول الخاتون .
    لتكون النهاية الأكيدة والوحيدة والحتمية لدورة أخرى من التشرد في ظل حقول الخاتون المحمية من " سيد الواقع المتخيل " .
    لدى وصول الشاحنة إلى ديانا ينتظر الجميع بفرح عارم زواج زهران من فرح (بياتريس) وتنمو هذه العلاقة على عين من الجميع ورضاهم .
    يفجع الجميع برصاصة طائشة في لحظة حميمية حيث يسيران معا يتأبط كل منهما الآخر .
    لم يصدق زهران ما حدث فقد عبرت الرصاصة جبهتها دون أن تخلف لحظتها شيئا ولهول الصدمة اعتقد أنها نائمة على ذراعه ، وعندما يستفيق يحملها ويسير بها عائدا إلى البيت .
    هنا يدرك أن الكاولي يمكنه أن يلاقي مكانا يأوي إليه لكنه أدرك ألا مأوى له . فيخرج هائما على وجهه دون أن يلتفت إلى نداءاتهم وضراعتهم بالعودة والبقاء معهم .
    قال لها " الفراولة هو أنت " .
    في ظل سيد الواقع المتخيل لا يمكن أن تنضج الفراولة .
    وفي حقول ألغام الخاتون لا ينتظرك إلا الموت .
    وفي حقول الخاتون الكل كاولية أولهم سيد الواقع المتخيل لان هويته مرهونة بخدمة هذه الحقول .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 12:18 am